
أم الدويس الحديث عن أم الدويس حديث شائق وجميل، فحكاياتهاوأوصافها غاية في التفرد والعجب، إنها وكما توصف لدىالرجال الأوائل بأنها منأجمل النساءالتي يمكن أن يصادفها رجل.وهي ليست جميلة فحسب، فقداجتمعت فيهاكل مواصفات الجمال والرقة وعذوبة الحديث وشذا العبيرالمنبعث من نسائم خطواتهابتؤدة وسكينة.التسمية :جميع التسميات تستمد أصلها من شيء رئيسي ألا وهوأداة القتل التيتس تخدمها، والتي تشبه المنجل وتسمى في الإمارات(داس)والتسمياتهي:أم الدويس: أم تعني ذات،والدويس تصغيرداس وهي آلة قطع حادة أشبه بالمنجل.أم دويس:بدون “أل” التعريفأم داس:أي ذات المنجل “الداس”أم داسين:أي ذاتالمنجلين.أوصافها:توصف أمالدويس على أنهافتاة جميلة، بل بالغة الجمال، أنيقة رشيقة، تفوح منها روائح شتىجميلة من أنواع العطور والبخور، إحدى رجليها رجل حمار، والأخرى داس،وهناك منيقول بأن كلتا رجليها أرجل حمار ويديها (ديسان) أيمنجلان.وبالرغم منجمالها الأخاذ وروعة ملامحها إلا أنها تحمل في وجهها عيني قط، هاتانالعينان هماالملمح البارز على أنها من الجن وليست من البشر.أماكن ظهورها:تظهر أم الدويس في الأحياء السكنية المأهولةبالسكان، وفي المدن الكبيرة والصغيرة والقرى، وقد تظهر في الفلواتوالبراريوالقفار والبساتين، أي أنها تظهر تقريبا في جميعالأمكنة التي يمكن أن يتواجدفيها البشر ويمكن إغواؤهم فيها وقتلهم.حكايتها : يزخر الأدب الشعبي الإماراتي بمئات الحكاياتعنها، حتى أنك قد لا تجد من يجهلها أو لا يحفظ حكاية عنها.تذكر إحدىالسيدات بأن لها حكاية فريدة مع “أم الدويس” تقول: كنا في الماض ينخرج كل صباح لجلب الماء من الآبار القريبة من المدينة القديمة، وقدكنا نقول “نسير نروّي”وكانت كل مجموعةمن الفتيات يلتقين عند بيت إحدانا فنذهب سوية إلى البئر المطلوبةوتسمى “الطوي”، وذات ليلة سمعت طرقاً على باب بيتنا فقمت على صوتالطرق فلما خرجت وجدت فتاة غريبة على الباب فسألتها حاجتها، فقالت بأن زميلاتي قد ابتعثنها إليلاستعجالي في المجيء إلى المكان المعهود!وقد صدقتها بالفعل لأني كنت لاأزال تحت تأثير النوم، فاستأذنتها لجلب قربتي “الجربة” وعندما حضرتارتبت في بعضالأمور التي شككتني في هذه الفتاة:أولا: ملابسها نظيفة جداوأنيقة.ثانيا: عيناها تشبهان عينيالقط.ثالثا: طريقة كلامهاولفتاتها المريبة المخيفة.فأعطيتها قربتي “الجربة” و قلتلها انتظريني دقائق نسيت شيئا مهما في البيت، فدخلت وأغلقت الباببإحكام وهربت إلى حجرتي وأقفلتها أيضا،فأحست أم الدويس بأنني قد اكتشفت أمرها وهربت، فأخذت تدق الباب بعنف وتصرخ منادية لي لأخرج وأنا ساكتة ملتزمة الصمت، ثم هددتن يبتمزيق القربةفواصلت صمتي، وما لبثت أن سمعت صوت تمزيق القربة، تصورتمزيق قربة من الجلدالسميك ولكنها قوية جبارة تستطيع فعل أي شيء، والحمدلله أني لا زلت أروي قصتي وأنا بخير وأحسن حال.الحكاية الأخرى رواها لي أحدأقاربي رحمه الله ف ينهاية السبعينيات، يقول كنا أنا وصاحبي في طريقنا من الشارقة إلى الباطنة فيعمان، وكنا نستق لسيارة لاند روفر فضللنا الطريق ولم نعرف في أي اتجاه نذهب، فقدكانت السماء ملبدة بالغيوم وليس في السماء ما يمكن أن يُهتدى به لا نجمولا قمر،لكن فجأة رأينا مصابيح سيارة من الخلف “حمراء” تضيء منبعيد فتبعناها، وتجددالأمل، ولكنوجدنا أن المسافة بيننا وبين تلك السيارة لا تتغير فنحن لا نقتربمنها أبدا، ولكنا تمسكنا بالأمل علنا نصل.وفجأة توقفت السيارة التي كنانتبعها وظللنا نقترب منها شيئا فشيئا، فتجدد الأمل وابتهجنا من جديد،إلى انقاربنا على الوصول إلى السيارة المقصودة، ويا لهولالمفاجأة، وصلنا إلى مكانالأضواء فوجدناامرأتين تمشيان وكل امرأة أضاء ثوبها من الخلف وكأنه مصباح أحمرلسيارة، فصعقنا من شدة الخوف، وتملكنا رعب لم نحس به من قبل، فحاولنااجتيازهمابسرعة وحاولت النظر إلى وجهيهما، لكن صاحبي اجتذبنيبعنف، وصرخ فيّ قائلاً “لاتنظر في وجهها يامجنون، انها أم الدويس”.وهربنا من المكان، والعجيب أنهالم تلحق بنا، وعندما وصلنا إلى أول مكان استراحة في طريق الباطنة،أخبرنا بعضالناس هناك بما رأينا، فقيل لنا بأننا لابد أن نكون قدمررنا بطريق مسكون “أيمسكون بالجن”فحمدنا الله، وتمنى الحاضرون لنا السلامة.حكاية أخرى قالهالي أحد الرواة: يقول انه كان قادما من خورفكان إلى كلباء على حمار،وفي الطريقناحية الجبل الذي يقع على مدخل خورفكان شاهد فتاةجميلة حسناء تمشي على مقربة منهعلى استحياء، ثمرفعت وجهها وأومأت له أن يتبعها، يقول فهممت أن أتبعها، لكنيانتبهت من غفلتي بسرعة وقلت في نفسي من هذه وكيف أتت إلى هذا المكانالموحشالبعيد الذي لا يوجد فيه أحد فعلمت أنها أم الدويس،فأشحت بوجهي عنها وتعوذت منالشيطان الرجيموبدأت أقرأ المعوذات وبعض ما تيسر لي حفظه من آيات القرآن الكريمفاختفت.وهكذا كما أسلفنا توجد مئاتالحكايات لأم الدويس بعضها له كثير منالواقعية والآخر قد لا يصدق، لكن أم الدويس خرافة أو حقيقة لها مغزىواحد وهدفرئيسي هو العفة والعفاف والطهر.أم الدويس هي الدواء الناجعوالناجح ضدالرذيلة والفحش، فهي الرادع والمنجي من الانحرافومقارعة الشوارد من الآفاتوالمصائبالأخلاقية المقيتة.فالمستسلم للفتنة والرذيلة هوالمستسلم لأمالدويس والمستسلم لها مستسلم للموت.ورغم أن الغالبية من أهل الإماراتيقرون ويعتقدون بوجود أم الدويس، وبحقيقتها الأكيدة، إلا أنني وجدتالبعض ممنيتصفون بالتدين من كبار السن يشككون بها ويقولون بأنهاخراريف “عن الأولاد يسيرونللطفاسه” أي أنهامبتكرة لردع الشباب عن الرذيلة.حدثتني إحدى الأمهاتالعزيزات تقول بأن والدها كان يطلق اسم أم الدويس على إحدى جاراتنالأنها كانتتكثر من التطيب وكانت إذا مرت من طريق عرفت من طيبها،فكانت كل ما مرت من أمامبيتنا وشممناريحها صرخ من داخل البيت بأعلى صوته ليسمعها “أم الدويس... أمالدويس”.تقول الوالدة: كنت أسأله لماذاتنعتها بهذا الاسم، فيقول: إنفعلها كثرةالتطيب هو من فعل أم الدويس، ولا تفعله مسلمة تخاف ربها، فهي تغويالرجال بهذا التصرف، وهي آثمة بفعلها؟
إذن فأمالدويس جنية وانسانة ودواء!
من الادب الاماراتى